ما ورد في فضل شهر ذي القعدة
بسم الله الرحمن الرحيم
ما ورد في فضل شهر ذي القعدة
وظيفة شهر ذي القعدة
خرج الإمام أحمد بإسناده عن
رجل من باهلة قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة مرة فقال : (( من أنت
؟ )) قلت : أما تعرفني ؟ قال : ومن أنت ؟ قلت : أنا الباهلي الذي أتيتك عام أول ،
فقال : (( إنك أتيتني وجسمك ولونك وهيئتك حسنة )) فما بلغ بك ما أرى ؟ قلت : والله
ما أفطرت بعدك إلا ليلا قال : (( من أمرك أن تعذب نفسك ؟ من أمرك أن تعذب نفسك ؟
ثلاث مرات ، صم شهر الصبر )) قلت : إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني ، قال : (( صم
يوماً من الشهر )) قلت : إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني ، قال : (( ثلاثة أيام من
الشهر )) قال : وألح عند الرابعة فما كاد فقلت : إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني ،
قال : (( فمن الحرم وأفطر )) (1) وخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه بمعناه ، وفي ألفاظهم زيادة
ونقص وفي بعض الروايات صم الحُرم وأفطر .
النهي عن تكلف ما
يشق من العبادة :
وقال لعبد الله بن
عمرو بن العاص حيث كان يصوم النهار ويقوم الليل ويختم القرآن في كل ليلة ولا ينام
مع أهله ، فأمره أن يصوم ويفطر ويقرأ القرآن في كل سبع ، وقال له : (( إن لنفسك
عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، فآت كل ذي حق حقه )) .
ولما بلغه بعض الصحابة
أنه قال : أنا أصوم ولا أفطر ، وقال آخر منهم : أنا أقوم ولا أنام ، وقال آخر منهم
: لا أتزوج النساء ، فخطب وقال : ما بال رجال يقولون كذا وكذا لكني أصوم وأفطر
وأقوم وأنام وآكل اللحم وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني (1) .
(1)
أخرجه أبو داود في سننه ( 2428 ) في صوم أشهر الحرم من كتاب الصوم ، وأحمد في
مسنده ( 5 / 28 ) عن مجبية الباهلية عن أبيها أو عمها وقد مضى تضعيف هذا الحديث
لاختلاط سعيد الجريري قبل موته بثلاث سنين .
(1)
أخرجه مسلم في صحيحه 1401 في كتاب النكاح في أول أبوابه من حديث ثابت عن أنس رضي
الله عنه .
الاقتداء برسول الله
صلى الله عليه وسلم :
وإنما يقتدى بسنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، فإن خير الهدى هديه ، ومن أطاعه فقد اهتدى ومن اقتدى به
وسلك وراءه وصل إلى الله عز وجل ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن
التعسير ويأمر بالتيسير ودينه الذي بُعث به يسر ، وكان يقول : (( خير دينكم أيسره
)) (1) .
قال بعض السلف : ما
بلغ من بلغ عندنا بكثرة صلاة ولا صيام ولكن بسخاوة النفوس وسلامة الصدور والنصح
للأمة ، وزاد بعضهم : واحتقار أنفسهم .
(1)
حديث ضعيف أخرجه ابن عبد البر في العلم من حديث أنس وتتمة قوله : (( خير العبادة
الفقه )) وهذا صححه الألباني في صحيح الجامع .
وقال أبو الدرداء رضي
الله عنه : يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم ، كيف سبق سهر الجاهلين وصيامهم .
فضل العلم :
ولهذا المعنى كان فضل
العلم النافع ، الدال على معرفة الله وخشيته ومحبته ومحبة ما يحبه ، وكراهة ما
يكرهه ، لا سيما عند غلبة الجهل ، والتعبد به أفضل من التطوع بأعمال الجوارح ، قال
ابن مسعود رضي الله عنه : أنتم في زمان العمل فيه أفضل من العلم وسيأتي زمان العلم
فيه أفضل من العمل.
وقال مطرف : فضل
العلم أحب إلى من فضل العبادة (( وخير دينكم الورع )) وخرجه الحاكم وغيره مرفوعا .
ونص كثير من الأئمة
على أن طلب العلم أفضل من صلاة النافلة وكذلك الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من
الاستكثار من الصوم والصلاة مع غش القلوب ودغلها ، ومثل من يستكثر من الصوم والصلاة
مع دغل القلب وغشه كمثل من بذر بذرا في أرض دغلة كثيرة الشوك ، فلا يزكو ما ينبت
فيها من الزرع بل يمحقه دغل الأرض ويفسده فإذا نظفت الأرض من دغلها زكا ما ينبت
فيها ونما .
قال يحيى بن معاذ : كم من مستغفر
ممقوت وساكت مرحوم ، هذا استغفر وقلبه فاجر وهذا سكت وقلبه ذاكر .
من سار على طريق
الرسول صلى الله عليه وسلم ومنهاجه وإن اقتصد فإنه يسبق من سار على غير طريقه وإن
اجتهد .
من
لي بمثل سيرك المذلل
تمشي
رويدا وتجى في الأول
علة تحريم الأشهر
الحرم :
وقيل : إن تحريم ذى
القعدة كان في الجاهلية لجل السير إلى الحج وسمى ذا القعدة لقعودهم فيه عن القتال
، وتحريم المحرم لرجوع الناس من الحج إلى بلادهم ، وتحريم ذى الحجة لوقوع حجهم فيه
، وتحريم رجب كان للاعتمار فيه من البلاد القريبة .
ومن خصائص ذى القعدة أن عُمَرَ النبي
صلى الله عليه وسلم كلها كانت في القعدة سوى عمرته التي قرنها بحجته ، مع أنه صلى
الله عليه وسلم أحرم بها أيضا في ذى القعدة وفعلها في ذى الحجة مع حجته .
عُمَرُ النبي صلى الله عليه
وسلم كم ومتى كانت ؟ :
وكانت عُمَرُهُ صلى
الله عليه وسلم أربعاً :
عمرة الحديبية : ولم يتمها بل
تحلل منها ورجع .
وعمرة القضاء : من قابل .
وعمرة الجعرانة عام
الفتح : لما قسم غنائم
حنين ، وقيل : إنها كانت في آخر شوال ، والمشهور إنها كانت في ذى القعدة وعليه
الجمهور .
وعمرته في حجة
الوداع : كما دلت عليه
النصوص الصحيحة وعليه جمهور العلماء أيضا .
فضلا وليس أمرا قل ( اللهم احقن دماء المسلمين
في كل مكان )
المرجع :
لطائف المعارف ،
الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله ، ط / دار الحديث " ص 341 – 350 " ، فصل : وظائف شهر ذي
القعدة ، بتصرف.
تعليقات
إرسال تعليق