الله الله في السرائر
لقد رأيت من يُكثرُ الصلاة والصوم والصمت ويتخشع في نفسه ولباسه والقلوب تنبو عنه وقدره في النفوس ليس بذاك ، وآخر ليس له كبير نفل ولا تخشّع والقلوب تتهافت على محبته فتدبرت السبب فوجدته السريرة فمن أصلح سريرته فاح عبير فضله وعبقت القلوب بنشر طيبه فالله الله في السرائر فإنه ما ينفع مع فسادها صلاح ظاهر . قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } (10) سورة فاطر ، أي يفسد ويبطل ويظهر زيفهم عن قريب لأولي البصائر والنهى ، فإنه ما أسرّ أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه وما أسرّ أحد سريرة إلا كساه الله تعالى رداءها إن خيراً فخير وإن شراً فشر ، فالمرائي لا يروج أمره ويستمر إلا على غبي أمّا المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم بل ينكشف لهم عن قريب وعالم الغيب لا يخفى عليه خافية. الشاهد : قال مالك بن دينار رحمه الله : قولوا لمن لم يكن صادقا...