29. قطوف من السيرة المحمدية " ليلة الإسراء والمعراج وحكم الاحتفال بها"
قطوف من السيرة المحمدية
على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم
" العناوين "
حكم الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج ، مقدمة عن الإسراء
والمعراج ، لماذا كانت الرحلة إلى المسجد
الأقصى وليست إلى السماء مباشرة ، ما الحكمة من الإسراء ، تعيين زمن الإسراء ، المراجع
.
" التفاصيل "
حكم
الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج :
من أعظم
معجزات النبي صلى الله عليه وسلم : الإسراء به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى ، ثم العروج به إلى السماوات السبع
فما فوقها ، وقد انتشر في بعض البلدان الاحتفال بذكراها في ليلة السابع والعشرين
من رجب ، ولا يصح كون ليلة الإسراء في تلك الليلة ، قال ابن حجر عن ابن دحية : (
وذكر بعض القُصاص أن الإسراء كان في رجب ، قال : وذلك كذب ) ، وقال ابن رجب : (
وروي بإسناد لا يصح عن القاسم بن محمد ، أن الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان
في سابع وعشرين من رجب ، وأنكر ذلك إبراهيم الحربي وغيره ) . وقال ابن تيمية رحمه
الله : ( لم يقم دليل معلوم لا على شهرها ، ولا عشرها ، ولا عينها ؛ بل النقول في
ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به ) . على أنه لو ثبت تعيين ليلة الإسراء
والمعراج لما شرع لأحد تخصيصها بشيء ، لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
ولا عن أحد من صحابته أو التابعين لهم بإحسان أنهم جعلوا لليلة الإسراء مزية عن
غيرها ، فضلا عن أن يقيموا احتفالا بذكراه ، بالإضافة إلى ما يتضمنه الاحتفال بها
من البدع والمنكرات .
مقدمة
عن الإسراء والمعراج :
وبينا
النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرحلة
التي كانت دعوته تشق فيها طريقا بين النجاح والاضطهاد ، وكانت تتراءى نجوما
ضئيلة تتلمح في آفاق بعيدة ، وقع حادث
الإسراء والمعراج .
لماذا كانت الرحلة إلى المسجد الأقصى وليست إلى السماء
مباشرة :
لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس ، ولم تبدأ من
المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى مباشرة ؟
إن هذا يرجع بنا إلى تاريخ قديم ، فقد ظلت
النبوات دهورا طوالا في بني إٍسرائيل ، وظل بيت المقدس مهبط الوحي ، ومشرق أنواره
على الأرض . فلما أهدر اليهود كرامة الوحي
، وأسقطوا أحكام السماء ، حلت بهم لعنة الله ، وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد
! ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد صلى الله عليه وسلم ؛ انتقالا بالقيادة
الروحية في العالم من أمة إلى أمة ، ومن بلد إلى بلد ، ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية
إسماعيل . وقد كان غضب اليهود مشتعلا لهذا التحول ، مما دعاهم إلى المسارعة
بإنكاره . قال تعالى : ( بئسما اشتروا به أنفسهم أن
يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فبآءو بغضب
على غضب ) . ولكن إرادة الله مضت ،
وحمّلت الأمة الجديدة رسالتها ، وورث النبي العربي تعاليم إبراهيم وإسماعيل ويعقوب
عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام ، وقام
يكافح لنشرها ، وجمع الناس عليها ، فكان من وصل الحاضر بالماضي ، وإدماج الكل في
حقيقة واحدة أن يعتبر المسجد الأقصى ثالث الحرمين في الإسلام ، وأن ينتقل إليه
الرسول صلى الله عليه وسلم في إسرائه ، فيكون هذا الانتقال احتراما للإيمان الذي
درج – قديما – في رحابه ..
ما الحكمة من الإسراء :
ذلك
والله عز وجل يتيح لرسله فرص
الاطّلاع على المظاهر الكبرى لقدرته ، حتى يملأ قلوبهم ثقة فيه ، واستنادا إليه ،
إذ يواجهون قوى الكفار المتألبة ، ويهاجمون سلطانهم القائم . فقبل أن يرسل الله
موسى شاء أن يريه عجائب قدرته ، فأمره أن يلقي عصاه ، قال : ( ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى * قال خذها ولا تخف
سنعيدها سيرتها الأولى * واضمم يدك إلى جناحك
تخرج بيضاء من غير سوء ءاية أخرى * لنريك من ءاياتنا الكبرى ) . فلما ملأ قلبه إعجابا بمشاهد هذه الآيات
الكبرى ، قال له بعد ذلك : ( اذهب إلى فرعون إنه طغى
.. ) . وقد علمت أن ثمرة الإسراء والمعراج إطلاع الله نبيه على هذه الآيات
الكبرى ، وربما تقول : إن ذلك حدث بعد الإرسال إليه بقريب من اثني عشر عاما ، على
عكس ما وقع لموسى ! وهذا حق ، وسرّه ما أسلفنا بيانه من أن الخوارق في سير
المرسلين الأولين قصد بها قهر الأمم على الاقتناع بصدق النبوة ؛ فهي تدعيم لجانبهم
أمام اتهام الخصوم لهم بالادّعاء ، وسيرة محمد صلى الله عليه وسلم فوق هذا المستوى
.
تعيين زمن الإسراء :
اختلف في تعيين زمنه على أقوال شتى :
1. فقيل : كان الإسراء في السنة التي أكرمه
الله فيها بالنبوة ، اختاره الطبري .
2. وقيل : كان بعد المبعث بخمس سنين ، رجح ذلك النووي ، والقرطبي .
3. وقيل : كان ليلة السابع والعشرين من شهر
رجب سنة 10 من النبوة ، واختاره العلامة المنصورفوري
.
4. وقيل : قبل الهجرة بستة عشر شهرا ، أي في
رمضان سنة 12 من النبوة .
5. وقيل : قبل الهجرة بسنة وشهرين ، أي في
المحرم سنة 13 من النبوة .
6. وقيل : قبل الهجرة بسنة ، أي في ربيع الأول
سنة 13 من النبوة .
-
انتهى -
فاللهم صل وسلم على نبينا وحبيبنا
محمد " عليه الصلاة والسلام "
المراجع :
-
من كتاب المناسبات الموسمية بين الفضائل
والبدع والأحكام للمؤلفة أ / حنان بنت علي بن محمد اليماني - فصل :
فضائل شهر رجب في الميزان ( ص 90- 91 ) طبعة مكتب الأسدي .
-
من كتاب الرحيق المختوم للمؤلف الشيخ / صفي الدين المباركفوري رحمه
الله – فصل : الإسراء والمعراج ( ص 132 ) طبعة : دار
ابن حزم .
-
من كتاب فقه السيرة للمؤلف الشيخ / محمد الغزالي رحمه الله – فصل : الإسراء والمعراج
( ص 138 - 143 ) طبعة : دار القلم .
تعليقات
إرسال تعليق