الجمرات بين النسك والمدلول
جمع جمرة وهي الحصاة الصغيرة ، وجمرات المناسك الثلاث
بمنى هي : الجمرة الصغرى والوسطى والعقبة . ومن مناسك الحج رمي الجمار ، وفيه
امتثال لأمر الله واقتداء بأبينا إبراهيم عليه السلام . قال الله تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ ... } (4) سورة الممتحنة ، واقتداءاً
بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم القائل : "
خذوا عني مناسككم " . كما أن في ذلك إظهار لعداوة
الشيطان ، وقال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا } (6) سورة فاطر ، فعندما يقوم الحاج برمي الجمرات يكون
في ذلك إغاظة للشيطان وإذلال وتحقير له .
ففي
رواية ابن عباس رضي الله عنهما أن إبراهيم عليه وسلم لما أمر بالمناسك ذهب به
جبريل عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ، ثم
عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات . "
قال الهيثمي : رجاله ثقات ، مجمع الزوائد ( 3/259 ) " .
وقد رمى
النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما
جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله . انتهى .
واستكمالا
لبقية العنوان الجمرات بين النسك والمدلول فلا يخفى على كل ذي لب أن عداوة الشيطان
للإنسان منذ أن خلق الله الخلق إلى قيام الساعة . وقد قال عز وجل : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً
وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } (168) سورة البقرة ، وعلى الحاج أن يسأل نفسه إذا كان
قد رمى الجمرات في هذه الأيام والتي هي رمز للمكان الذي ظهر فيه الشيطان اقتداءاً
بالسنة كما ذكرنا سابقاً ، فكيف تطيعه فيما بعد بما يوسوس لك من معاصي وذنوب ، كيف
ترميه بالأمس وتطيعه اليوم ! كيف تطيعه بالنظر إلى الحرام مثلاً أو باستماع للحرام
أو بأكل الحرام "عياذاً بالله " وقس على
ذلك أمور كثيرة . فالحرب باقية مع الشيطان في كل وقت وحين فلذلك يجب على كل مسلم
أدى الحج وغيره أن يحقق مدلول رمي الجمرات في حياته اليومية بالاستعاذة من الشيطان
وشركه . انتهى .
المرجع :
تاريخ مكة المكرمة قديماً وحديثاً ، د / محمد إلياس عبد
الغني حفظه الله ، ط / مكتبة فهرسة الملك فهد الوطنية " 109 ، 110 " ، فصل
: المشاعر ، مبحث : مشعر منى ، بتصرف.
تعليقات
إرسال تعليق