الوقفة الخامسة مع سورة الفاتحة
أسرار سورة الفاتحة
اشتملت هذه السورة
العظيمة على أُصولٍ ثلاث :
الأصل الأول :
وهو معرفة الرب تعالى ،
ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.
قال الله تعالى : { الْحَمْدُ للّهِ
رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مالك يَوْمِ الدِّينِ } سورة الفاتحة " 2- 4
".
فاسم الله متضمن
لصفات الألوهية ، واسم الرب متضمن لصفات الربوبية ، واسم الرحمن متضمن
لصفات الإحسان والجود والبر، ومعاني أسمائه سبحانه تدور على هذا.
الأصل الثاني :
ويتضمن معرفة الطريق
الموصلة إليه ، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه ، واستعانته على
عبادته ، قال الله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } (5) سورة الفاتحة .
الأصل الثالث :
ويتضمن أن العبد لا سبيل
له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم ، وأنه لا سبيل له إلى الاستقامة
إلا بهداية ربه له ، كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته ، فلا سبيل له إلى
الاستقامة على الصراط إلا بهدايته ، قال الله تعالى : { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ } (6) سورة الفاتحة .
وأما قوله تعالى : { صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}(7) سورة الفاتحة. فيتضمن بيان طرفي
الانحراف عن الصراط المستقيم ، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين يُؤدي إلى
الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد ، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف
إلى الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل.
فأول السورة رحمة ،
وأوسطها هداية ، وآخرها نعمة.
انتهى .
المرجع :
فوائد الفوائد ، الإمام
ابن قيم الجوزية رحمه الله ، ط / دار ابن الجوزي " ص 115 - 117 " ، فصل
: من أسرار الفاتحة ومضامينها ، بتصرف.
تعليقات
إرسال تعليق